[size=16][size=21]
أبان بن سعيد بن العاص
رضي الله عنه
أبان بن سعيد بن العاص بن أميّة القرشي ، أبو الوليد الأموي ، تأخر إسلامه
وكان تاجراً موسوراً ، وهو الذي أجار عثمان بن عفان يوم الحديبية حين بعثه
الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- رسولاً الى مكة ، ثم أسلم قبل الفتـح بقليل
وهاجر الى المدينة ، وقد استعمله الرسول الكريم سنة ( 9هـ ) على البحرين
وهو ابن عمّة أبو جهل
إسلامه
وقد كان سبب إسلام أبان بن سعيـد أنه اجتمع براهب وهو في تجارة بالشام ، يقول أبان بعد عودته من الشام تعلمون أني بقرية يُقال لها ( بامَرْدى ) وكان بها راهب لم يُرَ له وجه مذ أربعين سنة ، فبينا أنا ذات ليلة هنالك إذ النصارى يطيبون المصانع والكنائس ويصنعون الأطعمة ، ويلبسون الثياب ، فأنكرت ذلك منهم فقلت ما شأنكم ؟) ، قالوا هذا راهب يُقال له ( بُكا ) لم ينزل الى الأرض ، ولم يُرَ فيها منذ أربعين سنة ، وهو نازل اليوم ، فيمكث أربعين ليلة ، يأتي المصانع والكنائس وينزل على الناس )000
فلمّا كان من الغد نزل فخرجوا واجتمعوا ، وخرجت فنظرت إليه فإذا شيخ كبير ، فخرجوا وخرج معهم يطوف فيهم ، فمكث أياماً ، وإنّي قلت لصاحبِ منزلي اذهب معي الى هذا الراهب ، فإني أريد أن أسأله عن شيء )000
فخرج معي حتى دخلنا عليه فقلت لي إليك حاجة ) ، فاخلني فقام مَنْ عنده ، فقلت إنّي رجل من قريش ، وإن رجُلاً منّا خرج فينا يزعم أن الله عز وجلّ أرسله ، مثلما أرسل موسى وعيسى )، فقال ممن هو ؟) ، قلت من قريش ) ، قال وأين بلدكم ؟) ، قلت تهامة ثم مكة ) ، قال لعلّكم تجار العرب أهل بيتهم ؟) ، قلت نعم ) ، قال ما اسم صاحبك ؟) ، قلت محمد ) ، قال ألا أصِفُهُ لك ثم أخبرك عنه ؟) ، قلت بلى )000
قال مُذْ كم خرج فيكم ؟) ، قلت منذ عشرين سنة أو دون ذلك بقليل ) ، قال فهو يومئذ ابن أربعين سنة ) ، قلت أجل ) ، قال هو رجل سبطُ الرأس ، حسن الوجه ، قَصْدُ الطول ، شنّنُ اليدين ، في عينيه حُمْرة ، لا يقاتل ببلده ما كان فيه ، فإذا خرج منه قال فظفر ، وظهر عليه ، يكثر أصحابه ويقلُّ عدوه )000
قلت ما أخطـأت من صفته ولا أمره واحـدةً ، فأخبرني عنه ) ، قال ما اسمـك ؟) ، قلت أبان ) ، قال كيـف أنت أصدقتَه أم كذّبتَه ؟) ، قلت بل كذّبتُهُ ) ، فرفع فضرب ظهري بكفٍ ليلة واحدة ، ثم قال أيخط بيده ؟) ، قلت لا ) ، قال هو والله نبي هذه الأمة ، والله ليظهرنَّ عليكم ، ثم ليظهرنَّ على العرب ، ثم ليظهرنَّ على الأرض ، لو قد خرج )000
فخرج مكانه ، فدخل صومعته ، وتشبّت الناس به ، وما أدخله صومعته غير حديثي ، فقال اقرأ على الرجل الصالح السلام )000
فأسلم أبان -رضي الله عنه - بعد مرجعه من الشام ، كما أن أخويه خالداً وعمراً لمّا قدما من هجرة الحبشة الى المدينة بَعَثا إليه يدعُوَانه الى الله ، فبادر وقَدِم المدينة مسلماً000
فضله
لمّا قدِمَ أبان بن سعيد بن العاص على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال يا أبان ! كيف تركت أهل مكة ؟)000قال تركتهم وقد جهدوا -يعني المطر- وتركت الإذْخِر -وهو شجر ذو ثمر- وقد أعذق ، وتركتُ الثمار وقد حاص )000فاغْرَوْرَقَتْ عَينا النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال أنا أنصحكم ثم أبان بعدي )000
البحرين
لمّا صدر الناس من الحجّ سنة تسعٍ بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبان بن سعيد الى البحرين عاملاً عليها ، فسأله أبان أن يحالف عبد القيس فأذِنَ له في ذلك ، وقال يا رسول الله ! اعهد إلي عهداً في صدقاتهم وجزيتهم ، وما تجِرُوا به )000فأمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يأخذ من المسلمين ربع العشر ممّا تجِروا به ، ومن كلِّ حالم من يهودي أو نصراني أو مجوسي ديناراً ، الذكر والأنثى ، وكتب الرسول -صلى الله عليه وسلم- الى مجوس هَجَر يعرض عليهم الإسلام ، فإن أبَوْا عرض عليهم الجزية بأن لا تنكح نساؤهم ، ولا تؤكل ذبائحهم ، وكتب لهم صدقات الإبل والبقر والغنم ، على فرضها وسنّتها كتاباً منشُوراً مختوماً في أسفله000وتوفي الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأبان بن سعيد عامل على البحرين000
بعد وفاة الرسول
لمّا توفي الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- وارتدّت العرب ، وارتدّ أهل هجـر عن الإسلام ، فقال أبان بن سعيد لعبد القيس أبلغوني مأمني )000قالوا بل أقمْ فلنجاهد معك في سبيل الله ، فإن الله معزّ دينه ، ومظهره على ما سواه ، وعبد القيس لم ترجع عن الإسلام )000قال أبلغوني مأمني فأشهد أمر أصحاب رسول الله -صلى الله عليه سلم- ، فليس مثلي يغيب عنهم ، فأحيا بحياتهم وأموت بموتهم )000فقالوا لا تفعل ، أنت أعز الناس ، وهذا عليك وعلينا فيه مقالة ، يقول قائل : فرّ من القتال )000
وقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لأبان بعد عودته الى المدينة ما كان حقك أن تقدم ، وتترك عملك بغير إذن إمامك ، ثم على هذه الحال ، ولكنك أمنته )000فقال أبان إني والله ما كنت لأعمل لأحد بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، ولو كنت عاملاً لأحد بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كنت عاملاً لأبي بكر في فضله وسابقته وقديم إسلامه ، ولكن لا أعمل بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- )000
وشاور أبو بكر أصحابه فيمن يبعث الى البحرين ، فقال له عثمان بن عفان ابعث رجلاً قد بعثه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إليهم ، فقدم عليهم بإسلامهم وطاعتهم ، وقد عرفوه وعرفهم ، وعرف بلادهم )000يعني العلاء بن الحضرمي ، فأبى عمر عليه ، وقال أكْرِهْ أبان بن سعيد فإنه رجل قد حالفهم )000فأبى أبو بكر أن يكرهه وقال لا أفعل ، لا أكره رجلاً يقول : لا أعمل لأحدٍ بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- )000وأجمع أبو بكر بعثة العلاء بن الحضرمي الى البحرين000
إستشهاده
استشهد أبان -رضي اللـه عنه- يوم أجنادين في الشام سنة ( 13هـ )، فقد كانت جمـوع الروم فيها مائة ألف فهزمهم اللـه تعالى ، وأبلى خالد بن الوليد بلاءً حسناً000
أبو الدرداء
الحكيم
يوم اقتنع أبو الدرداء -رضي الله عنه- بالاسلام دينا ، وبايع الرسول -صلى الله عليه
وسلم- على هذا الديـن ، كان تاجر ناجحا من تجار المدينة ، ولكنه بعد الايمان بربـه
يقول :" أسلمت مع النبـي -صلى اللـه عليه وسلم- وأنا تاجر ، وأردت أن تجتمع لي
العبـادة والتجارة فلم يجتمعا ، فرفضـت التجارة وأقبلت على العبادة ، وما يسرنـي
اليوم أن أبيع وأشتري فأربح كل يوم ثلاثمائة دينار ، حتى لو يكون حانوتي على باب
المسجد ، ألا اني لا أقول لكم ان اللـه حرم البيع ، ولكني أحـب أن أكون من الذين لا
تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله )000
جهاده ضد نفسه
لقد كان أبو الدرداء -رضي الله عنه- حكيم تلك الأيام العظيمة ، تخصصه ايجاد الحقيقة ، فآمن بالله ورسوله ايمانا عظيما ، وعكف على ايمانه مسلما اليه نفسه ، واهبا كل حياته لربه ، مرتلا آياته :"000
ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين000
كان -رضي الله عنه- يقول لمن حوله ألا أخبركم بخير أعمالكم ، وأزكاها عند باريكم ، وأنماها في درجاتكم ، وخير من أن تغزو عدوكم ، فتضربوا رقابهم ويضربوا رقابكم ، وخير من الدراهم والدنانير 000 ذكر الله ، ولذكر الله أكبر )000
ومضات من حكمته وفلسفته
سئلت أمه -رضي الله عنه- عن أفضل ما كان يحب ، فأجابت التفكر والاعتبار )000وكان هو يحض اخوانه دوما على التأمل ويقول تفكر ساعة خير من عبادة ليلة )000وكان -رضي الله عنه- يرثي لأولئك الذين وقعوا أسرى لثرواتهم فيقول اللهم اني أعوذ بك من شتات القلب ) ، فسئل عن شتات القلب فأجاب أن يكون لي في كل واد مال )000فهو يمتلك الدنيا بالاستغناء عنها ، فهو يقول من لم يكن غنيا عن الدنيا ، فلا دنيا له )000
كان يقول لا تأكل الا طيبا ولا تكسب الا طيبا ولا تدخل بيتك الا طيبا )000
ويكتب لصاحبه يقول 000أما بعد ، فلست في شيء من عرض الدنيا ، الا وقد كان لغيرك قبلك ، وهو صائر لغيرك بعدك ، وليس لك منه الا ماقدمت لنفسك ، فآثرها على من تجمع له المال من ولدك ليكون له ارثا ، فأنت انما تجمع لواحد من اثنين : اما ولد صالح يعمل فيه بطاعة الله ، فيسعد بما شقيت به ، واما ولد عاص ، يعمل فيه بمعصية الله ، فتشقى بما جمعت له ، فثق لهم بما عند الله من رزق ، وانج بنفسك )000
وانه ليقول ليس الخير أن يكثر مالك وولدك ، ولكن الخير أن يعظم حلمك ، ويكثر علمك ، وأن تباري الناس في عبادة الله تعالى )000
عندما فتحت قبرص وحملت غنائم الحرب الى المدينة ، وشوهد أبا الدرداء وهو يبكي ، فسأله جبير بن نفير يا أبا الدرداء ، ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الاسلام وأهاه ؟)000فأجاب أبوالدرداء ويحك يا جبير ، ما أهون الخلق على الله اذا هم تركوا أمره ، بينما هي أمة قاهرة ظاهرة ، لها الملك ، تركت أمر الله ، فصارت الى ما ترى )000 فقد كان يرى الانهيار السريع للبلاد المفتوحة ،وافلاسها من الروحانية الصادقة والدين الصحيح000
وكان يقول التمسوا الخير دهركم كله ، وتعرضوا لنفحات رحمة الله فان لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده ، وسلوا الله أن يستر عوراتكم ، ويؤمن روعاتكم )000
في خلافة عثمان ، أصبح أبو الدرداء واليا للقضاء في الشام ، فخطب بالناس يوما وقال يا أهل الشام ، أنتم الاخوان في الدين ، والجيران في الدار ، والأنصار على الأعداء ، ولكن مالي أراكم لا تستحيون ؟؟000تجمعون مالا تأكلون ، وتبنون مالا تسكنون ، وترجون مالا تبلغون ، قد كانت القرون من قبلكم يجمعون فيوعون ، ويؤملون فيطيلون ، ويبنون فيوثقون ، فأصبح جمعهم بورا ، وأملهم غرورا ، وبيوتهم قبورا000أولئك قوم عاد ، ملئوا ما بين عدن الى عمان أموالا وأولادا )000ثم ابتسم بسخرية لافحة من يشتري مني تركة أل عاد بدرهمين ؟!)000
تقديسه للعلم
كان -رضي الله عنه- يقدس العلم كثيرا ، ويربطه بالعبادة ، فهو يقول لا يكون أحدكم تقيا حتى يكون عالما ، ولن يكون بالعلم جميلا ، حتى يكون به عاملا )000كما يقول ما لي أرى علماءكم يذهبون ، وجهالكم لا يتعلمون ؟؟000ألا ان معلم الخير والمتعلم في الأجر سواء ، ولا خير في سائر الناس بعدهما )000ويقول -رضي الله عنه- ان أخشى ما أخشاه على نفسي أن يقال لي يوم القيامة على رؤوس الخلائق : يا عويمر ، هل علمت ؟؟000فأقول : نعم000فيقال لي : فماذا عملت فيما علمت ؟؟000)000
وصيته:
ويوصي أبو الدرداء -رضي الله عنه- بالاخاء خيرا ، ويقول معاتبة الأخ خير لك من فقده ، ومن لك بأخيك كله ؟000أعط أخاك ولن له ، ولا تطع فيه حاسدا فتكون مثله ، غدا يأتيك الموت فيكفيك فقده000 وكيف تبكيه بعد الموت ، وفي الحياة ما كنت أديت حقه ؟)000
ويقول رضي الله عنه وأرضاه اني أبغض أن أظلم أحدا ، ولكني أبغض أكثر وأكثر ، أن أظلم من لا يستعين علي الا بالله العلي الكبير )000
هذا هو أبو الدرداء ، تلميذ النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وابن الاسلام الأول ، وصاحب أبي بكر وعمر ورجال مؤمنين000
أبو أيوب الأنصاري
رضي الله عنه
أبو أيوب الأنصاري -خالد بن زيد بن كليب- حفيد مالك بن النجار ، خرج مع وفد المدينة
لمبايعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في مكة ( بيعة العقبة الثانية ) فكان من السبعين
مؤمنا الذين شدوا أيمانهم على يمين الرسول مبايعين مناصرين000
أول دار يسكنها الرسول بالمدينة
قدم الرسول -صلى الله عليه وسلم- المدينة يوم الجمعة ، وسار وسط جموع المسلمين وكل منهم يريد أن أن ينزل الرسول الكريم عنده ، فيجيبهم باسما شاكرا لهم خلوا سبيلها فانها مأمورة )000حتى وصلت ناقته الى دار بني مالك بن النجار فبركت ، فلم ينزل الرسول -صلى الله عليه وسلم- فوثبت الناقة ثانية ، فسارت غير بعيد ثم التفتت الى خلفها فرجعت وبركت مكانها الأول ، فنزل الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، وتقدم أبو أيوب الأنصاري فرحا مبتهجا ، وحمل رحل الرسول -صلى الله عليه وسلم- فوضعه في بيته ، فأقام الرسول الكريم في بيت أبي أيوب الأنصاري حتى بني له مسجده ومسكنه000
السفل والعلو
وحين نزل الرسول - صلى الله عليه وسلم - بيت أبي أيوب الأنصاري نزل في السفل ، وأبو أيوب في العلو ، فأهريق ماء في الغرفة ، فقام أبو أيوب وأم أيوب بقطيفة لهم يتتبعون الماء شفقاً أن يخلص إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فوجدها أبو أيوب لعظيمة فنزل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي ، اني لأكره وأعظم أن أكون فوقك وتكون تحتي ، فاظهر أنت فكن في العلو ، وننزل نحن فنكون في السفل )0 وألح على الرسول -صلى الله عليه وسلم- حتى قبل000
جهاده
أصبح أبو أيوب الأنصاري مجاهدا قويا بائعا نفسه في سبيل الله ، فشهد المشاهد كلها مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، ولم يتخلف عن أي معركة كتب على المسلمين خوضها بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكان شعاره دوما
قوله تعالى :"( انفروا خفافا وثقالا ")000
الا مرة واحدة تخلف عن جيش أعطى الخليفة امارته لشاب من المسلمين لم يقتنع أبو أيوب بامارته ، ومع هذا بقي الندم ملازما له دوما ، فيقول ما علي من استعمل علي ؟)000
حبّ الرسول
قال أبو أيوب الأنصاري للرسول -صلى الله عليه وسلم- يا رسول الله ، كنت ترسل إليّ بالطعام فانظر ، فإذا رأيتُ أثر أصابعك وضعتُ يدي فيه ، حتى كان هذا الطعام الذي أرسلتَ به إلي ، فنظرت فيه فلم أرَ فيه أثر أصابعك ؟!)000فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجل إنّ فيه بصلاً ، وكرهتُ أن آكله من أجل الملَكَ الذي يأتيني ، وأمّا أنتم فكلوه )000
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يطوفُ بين الصفا والمروة ، فسقطت على لحيتِه ريشةٌ ، فابتدر إليه أبو أيوب فأخذها ، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم- نزع الله عنك ما تكره )000
حادثة الإفك
خلال حادثة الإفك ، قالت أم أيوب لأبي أيوب الأنصاري ألا تسمع ما يقول الناسُ في عائشة ؟)000 قال بلى ، وذلك كذب ، أفكنتِ يا أم أيوب فاعلة ذلك ؟)000قالت لا والله )000قال فعائشة والله خير منكِ )000فلمّا نزل القرآن وذكر أهل الإفك 000
قال الله تعالى لولا إذْ سمعتُموه ظنّ المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً ، وقالوا هذا إفكٌ مُبين )000
زواج الرسول
ولما أعرس الرسول -صلى الله عليه وسلم- بصفية ، بخيبر أو ببعض الطريق ، فبات بها الرسول -صلى الله عليه وسلم- في قبة له ، وبات أبو أيوب الأنصاري متوشحاً سيفه يحرس رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- ويطيف بالقبة حتى أصبح رسـول اللـه ، فلما رأى مكانه قال مالك يا أبا أيوب ؟)000قال يا رسول اللـه ، خفت عليك من هذه المـرأة ، وكانت امرأة قد قتلـت أباها وزوجها وقومها ، وكانت حديثة عهد بكفر ، فخفتها عليك )000فقال رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- اللهم احفظ أبا أيوب كما بات يحفظني )000
موقفه من الفتنة
ولما وقع الخلاف بين علي ومعاوية وقف أبو أيوب -رضي الله عنه- مع علي لأنه الامام الذي أعطي بيعة المسلمين ، ولما استشهد علي -رضي الله عنه- وقف أبو أيوب بنفسه الزاهدة الصامدة لايرجو من الدنيا الا أن يظل له مكان فوق أرض الوغى مع المجاهدين 000
الدين
أتى أبو أيب معاوية فشكا إليه أنّ ديناً عليه ، فلم يرَ منه ما يحب ، ورأى كراهيته ، فقال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول إنّكم سترون أثَرَة ))000قال فأي شيءٍ قال لكم ؟)000 قال قال اصبروا ))000قال معاوية فاصبروا )000فقال أبو أيوب والله لا أسألك شيئاً أبداً )000
وقدِم أبو أيوب البصرة فنزل على ابن عباس ، ففرّغ له بيتَه ، فقال لأصْنَعَنّ بكَ كما صنعت برسول الله -صلى الله عليه وسلم- )000قال كم عليك من الدّين ؟)000قال عشرون ألفاً )000فأعطاه أربعين ألفاً وعشرين مملوكاً ، وقال لك ما في البيتِ كلِّه )000
استشهاده
وجاء فتح القسطنطينية عام ( 52 هـ )، فسارع أبو أيوب الأنصاري الى ركوب فرسه وحمل سيفه ، فأصيب في هذه المعركة ، وجاء قائد الجيش - يزيد بن معاوية - يعوده فسأله ما حاجتك يا أبا أيوب ؟)000فيا له من مطلب نفذه يزيد بناءا على هذه الوصية ، فقد طلب أن يحمل جثمانه فوق فرسه ، ويمضي به أطول مسافة ممكنة في أرض العدو ، وهنالك يدفنه ، ثم يزحف بجيشه على طول هذا الطريق ، حتى يسمع وقع حوافر خيل المسلمين فوق قبره ، فيدرك آنئذ ، أنهم قد أدركوا ما يبتغون من نصر وفوز !!000
وفي قلب القسطنطينية وفي ( اسطنبول ) ثوي جثمانه -رضي اللـه عنه- مع سور المدينة وبُنيَ عليه ، فلمّا أصبح المسلمون أشرف عليهم الروم ، فقالوا يا معشر العرب قد كان لكم الليلة شأنٌ ؟)000 فقالوا مات رجلٌ من أكابر أصحاب نبيّنا محمد -صلى الله عليه وسلم- ، ووالله لئن نُبِشَ لأضْرُبَ بِناقوسٍ في بلاد العرب )000 فأصبح قبره لأهل قسطنطينية وقبل أن يصل لهم الاسلام قبر قديس يتعاهدونه ويزورونه ويستسقون به اذا قحطوا !!000
أبو بكر الصديق
أحد العشرة المبشرين بالجنة
هو عبد الله بن أبي قحافة، من قبيلة قريش، ولد بعد الرسول -صلى الله عليه وسلم- بثلاث
سنيـن ، أمه أم الخير سلمى بنت صخر التيمية بنت عم أبيه ، كان يعمل بالتجارة ومـن
أغنياء مكـة المعروفين ، وكان أنسب قريشاً لقريش وأعلم قريـش بها وبما كان فيها من
خير وشـر وكان ذا خلق ومعروف يأتونه الرجال ويألفونـه اعتنـق الاسلام دون تردد فهو
أول من أسلم من الرجال الأحرار ثم أخذ يدعو لدين اللـه فاستجاب له عدد من قريش من
بينهم عثمـان بن عفـان ، والزبيـر بن العـوام ، وعبدالرحمـن بن عـوف ، والأرقـم
ابن أبي الأرقـم000
إسلامه
لقي أبو بكر -رضي الله عنه- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال أحقّ ما تقول قريش يا محمد من تركِكَ آلهتنا ، وتسفيهك عقولنا وتكفيرك آباءَنا ؟!)000فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- إني رسول الله يا أبا بكر ، ونبّيه بعثني لأبلغ رسالته ، وأدعوك الى الله بالحق ، فوالله إنه للحق أدعوك الى الله يا أبا بكر ، وحده لا شريك له ، ولا نعبد غيره ، والموالاة على طاعته أهل طاعته )000وقرأ عليه القرآن فلم ينكر ، فأسلم وكفر بالأصنام وخلع الأنداد ، وأقرّ بحقّ الإسلام ورجع أبو بكر وهو مؤمن مُصَدّق000يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت له عنه كَبْوَة وتردد ونظر إلا أبا بكر ما عَتّم عنه حين ذكرته له وما تردد فيه )000
أول خطيب
عندما بلغ عدد المسلمين تسعة وثلاثين رجلاً ، ألح أبو بكر على الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الظهور فقال الرسول يا أبا بكر إنّا قليل )000فلم يزل يلح حتى ظهر الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتفرّق المسلمون في نواحي المسجد ، وكل رجل معه ، وقام أبو بكر خطيباً ورسول الله جالس ، وكان أول خطيب دعا الى الله عزّ وجل والى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-000
وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين ، فضربوهم ضربا شديدا ، ووُطىءَ أبو بكر ودنا منه الفاسق عتبة بن ربيعة ، فجعل يضربه بنعلين مخصوفين ، وأثّر على وجه أبي بكر حتى لا يعرف أنفه من وجهه ، وجاء بنو تيم تتعادى ، فأجلوا المشركين عن أبي بكر ، وحملوا أبا بكر في ثوب حتى أدخلوه ولا يشكون في موته ، ورجعوا بيوتهم و قالوا والله لئن مات أبو بكـر لنقتلـن عُتبة )000ورجعوا الى أبي بكر وأخذوا يكلمونـه حتى أجابهم فتكلم آخر النهار فقال ما فعـل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ؟)000فنالوه بألسنتهم وقاموا000
أم الخير
ولمّا خلت أم الخير ( والـدة أبي بكر ) به جعـل يقول ما فعل رسول الله -صلـى اللـه عليه وسلم-؟)000قالت والله ما لي علم بصاحبك )000قال فاذهبي الى أم جميل بنت الخطاب فاسأليها عنه )000فخرجت حتى جاءت أم جميل ، فقالت إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد الله ؟)000قالت ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبد الله وإن تحبي أن أمضي معك الى ابنك فعلت ؟)000قالت نعم )000فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعا ، فدنت أم جميل وأعلنت بالصياح وقالت إنّ قوما نالوا منك هذا لأهل فسق ؟! وإنّي لأرجو أن ينتقـم اللـه لك )000
قال فما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ؟)000 قالت هذه أمك تسمع ؟)000قال فلا عين عليك منها )000قالت سالم صالح )000قال فأين هو ؟)000قالت في دار الأرقم )000قال فإن لله عليّ ألِيّة ألا أذوق طعاما أو شرابا أو آتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- )000فأمهَلَتا حتى إذا هدأت الرِّجْل وسكن الناس خرجتا به يتكىء عليهما حتى دخل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فانكب عليه يقبله وانكبّ عليه المسلمون ورقّ رسول الله فقال أبو بكر بأبي أنت وأمي ليس بي إلاّ ما نال الفاسق من وجهي ، وهذه أمي بَرّة بوالديها ، وأنت مبارك فادعها الى الله ، وادع الله لها عسى أن يستنقذها بك من النار )000فدعا لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم دعاها الى الله عزّ وجل ، فأسلمت فأقاموا مع رسول الله في الدار شهراً ، وكان حمزة يوم ضُرِب أبو بكر قد أسلم000
جهاده بماله
أنفق أبوبكر معظم ماله في شراء من أسلم من العبيد ليحررهم من العبودية ويخلصهم من العذاب الذي كان يلحقه بهم ساداتهم من مشركي قريش ، فأعتق بلال بن رباح وستة آخرين من بينهم عامر بن فهيرة وأم عبيس
فنزل فيه قوله تعالى :"( وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى ")000
منزلته من الرسول
كان -رضي الله عنه- من أقرب الناس الى قلب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأعظمهم منزلة عنده حتى قال فيه ان من أمَنِّ الناس علي في صحبته وماله أبوبكر ، ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا ، ولكن أخوة الاسلام ومودته ، لا يبقين في المسجد باب إلا سُدّ إلا باب أبي بكر )000
كما أخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأن أبا بكر أرحم الأمة للأمة ، وأنه أول من يدخل معه الجنة فقد قال له الرسول -صلى الله عليه وسلم- أما إنك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة من أمتي )000وأنه صاحبه على الحوض فقد قال له الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنت صاحبي على الحوض ، وصاحبي في الغار )000
كما أن أبو بكر الصديق هو والد أم المؤمنين عائشة لذا كان عظيـم الإفتخـار بقرابته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومصاهرته له وفي ذلك يقول والذي نفسي بيـده لقرابة رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- أحبُّ إليّ من أن أصل قرابتي )000
الإسراء والمعراج
وحينما أسري برسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مكة الى بيت المقدس ذهب الناس الى أبي بكر فقالوا له هل لك يا أبا بكر في صاحبك ، يزعم أنه قد جاء هذه الليلة بيت المقدس وصلى فيه ورجع الى مكة !)000فقال لهم أبو بكر إنكم تكذبون عليه )000فقالوا بلى ، ها هو ذاك في المسجد يحدث به الناس ) فقال أبو بكر والله لئن كان قاله لقد صدق ، فما يعجّبكم من ذلك ! فوالله إنه ليخبرني أن الخبر ليأتيه من الله من السماء الى الأرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدقه ! فهذا أبعد مما تعجبون منه )000
ثم أقبل حتى انتهى الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال يا نبي الله ، أحدثت هؤلاء القوم أنك جئت بيت المقدس هذه الليلة ؟)000قال نعم )000قال يا نبي الله فاصفه لي ، فإني قد جئته )000فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرفع لي حتى نظرت إليه)000فجعل الرسول الكريم يصفه لأبي بكر ويقول أبو بكر صدقت ، أشهد أنك رسول الله )000حتى إذا انتهى قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر وأنت يا أبا بكر الصديق )000فيومئذ سماه الصديق000
الصحبة
ولقد سجل له القرآن الكريم شرف الصحبة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أثناء الهجرة الى المدينةالمنورة
فقال تعالى :"( ثاني اثنين اذ هما في الغار ، اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا )"000
كان أبو بكر رجلا ذا مال ، فاستأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-في الهجرة فقال له الرسول لا تعْجل لعل الله يجعل لك صاحباً )000فطمع بأن يكون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنما يعني نفسه حين قال له ذلك ، فابتاع راحلتين فاحتبسهما في داره يعلفهما إعدادا لذلك ، وفي يوم الهجرة ، أتى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بيت أبي بكر بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها ، فلما رآه أبو بكر قال ما جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-هذه الساعة إلا لأمر حدث )000
فلما دخل تأخر له أبو بكر عن سريره ، فجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وليس عند أبي بكر إلا أسماء وعائشة ، فقال الرسول أخرج عني من عندك )000فقال أبو بكر يا رسول الله ، إنما هما ابنتاي ، وما ذاك ؟ فداك أبي وأمي !)000فقال إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة )000فقال أبو بكر الصُّحبة يا رسول الله ؟)000قال الصُّحبة )000تقول السيدة عائشة فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ )000ثم قال أبو بكر يا نبيّ الله إن هاتين راحلتان قد كنت أعددتهما لهذا )000فاستأجرا عبد الله بن أرْقَط ، وكان مشركاً يدلهما على الطريق ، فدفعا إليه راحلتيهما ، فكانت عنده يرعاهما لميعادهما000
أبواب الجنـة
عن أبا هريرة قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دعي من أبواب -يعني الجنة- يا عبد الله هذا خير ، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الجهاد ، دعي من باب الجهاد ، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الصيام وباب الريان )000فقال أبو بكر ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة )000وقال هل يدعى منها كلها أحد يا رسول الله )000قال نعم ، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر )000
مناقبه وكراماته
مناقب أبو بكر -رضي الله عنه- كثيرة ومتعددة فمن مناقبه السبق الى أنواع الخيرات والعبادات حتى قال عمر بن الخطاب ما سبقت أبا بكر الى خير إلاّ سبقني )000وكان أبو بكر الصديق يفهم إشارات الرسول -صلى الله عليه وسلم- التي تخفى على غيره كحديث أن عبداً خيره الله بين الدنيا وبين ما عنده ، فاختار ما عنده ) ، ففهم أنه عليه الصلاة والسلام ينعي نفسه ، ومن ذلك أيضا فتواه في حضرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وإقراره على ذلك000
وهو أول خليفة في الإسلام ، وأول من جمع المصحـف الشريـف ، وأول من أقام للناس حجّهـم في حياة رسـول اللـه -صلى اللـه عليـه وسلم- وبعده000وكان في الجاهلية قد حرم على نفسه شرب الخمر ، وفي الإسلام امتنع عن قول الشعر000كما أنه -رضي الله عنه- لم يفته أي مشهد مع الرسول -صلى الله عليه وسلم-000وقد قال له الرسول -صلى اللـه عليه وسلم- أنت عتيق الله من النار ) ، فسمّي عتيقاً000
وقد بلغ بلال بن رباح أن ناساً يفضلونه على أبي بكر فقال كيف تفضِّلوني عليه ، وإنما أنا حسنة من حسناته !!)000
عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال : كنت جالسا عند النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- أما صاحبكم فقد غامر )000فسلم وقال إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء ، فأسرعت إليه ثم ندمت ، فسألته أن يغفر لي ، فأبى علي فأقبلت إليك )000فقال يغفر الله لك يا أبا بكر )000ثلاثا ، ثم إن عمر ندم ، فأتى منزل أبي بكر ، فسأل أثم أبو بكر )000 فقالوا لا )000فأتى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فسلم ، فجعل وجه النبي -صلى الله عليه وسلم- يتمعر ، حتى أشفق أبو بكر ، فجثا على ركبتيه فقال يا رسول الله ، والله أنا كنت أظلم مرتين )000فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت ، وقال أبو بكر صدق ، وواساني بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي )000مرتين فما أوذي بعدها000
خلافته
وفي أثناء مرض الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمره أن يصلي بالمسلمين ، وبعد وفاة الرسول الكريم بويع أبوبكر بالخلافة في سقيفة بني ساعدة ، وكان زاهدا فيها ولم يسع اليها ، اذ دخل عليه ذات يوم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فوجده يبكي ، فساله عن ذلك فقال له يا عمر لا حاجة لي في امارتكم !!)000 فرد عليه عمر أين المفر ؟ والله لا نقيلك ولا نستقيلك) 0000
جيش أسامة
وجَّه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسامة بن زيد في سبعمائة الى الشام ، فلمّا نزل بـذي خُشُـب -واد على مسيرة ليلة من المدينة- قُبِض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وارتدّت العرب حول المدينة ، فاجتمع إليه أصحاب رسول الله فقالوا يا أبا بكر رُدَّ هؤلاء ، تُوجِّه هؤلاء الى الروم وقد ارتدت العرب حول المدينة ؟!)000فقال والذي لا إله إلا هو لو جرّت الكلاب بأرجل أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما رَدَدْت جيشاً وجَّهه رسول الله ولا حللت عقدَهُ رسول الله )000فوجّه أسامة فجعل لا يمر بقبيل يريدون الارتداد إلا قالوا لولا أن لهؤلاء قوّة ما خرج مثل هؤلاء من عندهم ، ولكن ندعهم حتى يلقوا الروم )000فلقوا الروم فهزموهم وقتلوهم ورجعوا سالمين فثبتوا على الإسلام000
حروب الردة
بعد وفـاة الرسـول -صلى الله عليه وسلم- ارتدت العرب ومنعت الزكاة ، واختلـف رأي الصحابة في قتالهم مع تكلمهم بالتوحيـد ، قال عمر بن الخطاب كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا منّي دماءَهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله )؟!)000فقال أبو بكر الزكاة حقُّ المال )000وقال والله لأقاتلن من فرّق الصلاة والزكاة ، والله لو منعوني عَنَاقاً كانوا يُؤدّونها الى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقاتلتهم على منعها )000ونصب أبو بكر الصديق وجهه وقام وحده حاسراً مشمِّراً حتى رجع الكل الى رأيه ، ولم يمت حتى استقام الدين ، وانتهى أمر المرتدين000
جيوش العراق والشام
ولمّا فرغ أبو بكر -رضي الله عنه- من قتال المرتدين بعث أبا عبيدة الى الشام وخالد بن الوليد الى العراق ، وكان لا يعتمد في حروب الفتوحات على أحد ممن ارتدَّ من العرب ، فلم يدخل في الفتوح إلا من كان ثابتا على الإسلام000
استخلاف عمر
لمّا أراد أبو بكر أن يستخلف عمر بن الخطاب بعث إليه وقال إني أدعوك إلى أمر متعب لمن وليه ،فاتق الله يا عمر بطاعته ، وأطعه بتقواه ، فإن المتقي آمن محفوظ ، ثم إن الأمر معروض لا يستوجبه إلا من عمل به ، فمن أمر بالحق وعمل بالباطل ، وأمر بالمعروف وعمل بالمنكر يوشك أن تنقطع أمنيتُهُ ، وأن يحبط عمله ، فإن أنت وليت عليهم أمرهم فإن استطعت أن تخفّ يدك من دمائهم ، وأن تصم بطنك من أموالهم ، وأن يخف لسانك عن أعراضهم ، فافعل ولا حول ولا قوة إلا بالله )000
وفاته
ولد أبو بكر في مكة عام ( 51 قبل الهجرة ) ومات بالمدينة بعد الرسول -صلى الله عليه وسلم- بسنتين وثلاثة أشهر وبضع ليال سنة ( 13 هـ )000ولمّا كان اليوم الذي قُبض فيه أبو بكر رجّت المدينة بالبكاء ، ودهش الناس كيوم قُبض الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، وجاء علي بن أبي طالب باكيا مسرعا وهو يقول اليوم انقطعت خلافة النبوة)000حتى وقف على البيت الذي فيه أبو بكر مسجّىً فقال رحمك الله يا أبا بكر ، كنت أول القوم إسلاما ، وأكملهم إيمانا ، وأخوفهم لله ، وأشدهم يقينا ، وأعظمهم عناءً ، وأحوطهم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وأحدبهم على الإسلام ، وآمنهم على أصحابه ، وأحسنهم صُحْبة ، وأفضلهم مناقب ، وأكثرهم سوابق ، وأرفعهم درجة ، وأشبههم برسول الله -صلى الله عليه وسلم- به هدياً وخُلُقاً وسمتاً وفعلاً000
أبو جابر
رضي الله عنه
هو عبدالله بن عمرو بن حرام الأنصاري السُّلَمي الخزري ، أحد السبعيـن الذين
بايعوا الرسول -صلى الله عليه وسلم- بيعة العقبة الثانية ، جعله الرسول الكريم
نقيبا على قومه من بني سلمة ولما عاد الى المدينة وضع نفسه وماله في خدمـة
الاسلام وصاحب رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- ليلا نهارا بعد هجرته
الى المدينة000
الخزيرة
أمر عبد الله بخزيرة فصُنِعَت ، ثم أمر ابنه جابر فحملها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال له ما هذا يا جابر ؟ ألحمٌ ذا ؟)000قال لا يا رسول الله ، ولكن أبي أمر بخزيرة فصنعتها ثم أمرني فحملتها )000قال ضعها )000فأتى جابر أباه فقال له ما قال لك رسول الله ؟)000قال جابر قال لي : ما هذا يا جابر ألحم ؟)000قال عبد الله إني أرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو أحسِبُ يشتهي اللحم )000فقام إلى داجن فذبحها ، ثم أمر بها فشُويَت ، ثم أمر جابر فأتى بها ، فقال رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- جزاكم الله معشرَ الأنصار خيراً ، ولا سيما آل عمرو بن حرام وسعد بن عبادة )000
احساس الشهادة
في غزوة أحد سنة ( 3 هـ ) ، غمره احساسا رائعا بأنه لن يعود ، فدعا ابنه جابر بن عبدالله وقال له اني لا أراني الا مقتولا في هذه الغزوة ، بل لعلي سأكون أول شهدائها من المسلمين ، واني والله ، لا أدع أحدا بعدي أحب الي منك بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وان علي دينا فاقض عني ديني ، واستوص باخوتك خيرا )000
أحد والشهادة
وفي غزوة أحد ، دارت معركة قوية بين المسلمين والمشركين ، كاد أن يكون النصر للمسلمين لولا انكشاف ظهرهم ، عندما انشغل الرماة بجمع الغنائم ، ففاجأهم العدو بهجوم خاطف حول النصر الى هزيمة 000 ولما ذهب المسلمون بعد المعركة ينظرون شهدائهم ، ذهب جابر بن عبدالله يبحث عن أبيه ، حتى وجده شهيدا ، وقد مثل به المشركون000
ووقف جابر وبعض أهله يبكون الشهيد عبدالله بن عمرو بن حرام يقول جابر لمّا قُتِل أبي يوم أحد جعلتُ أكشف الثوبَ عن وجهه وأبكي ، وجعل أصحاب رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- ينهوني و النبي -صلى اللـه عليه وسلم- لا ينهاني ، وجعلت عمتي فاطمة بنت عمرو تبكي عليه ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- ابكوه أو لا تبكوه فان الملائكة لتظله بأجنحتها )000
الدفن
وعندما جاء دور عبدالله ليدفن نادى الرسول -صلى الله عليه وسلم- ادفنوا عبدالله بن عمرو وعمرو بن الجموح في قبر واحد ، فانهما كانا في الدنيا متحابين ، متصافيين )000فكُفِّنا في كفنٍ واحد في قبرٍ واحد000
الرسول ينبأ بشغف أبوجابر للشهادة
كان حبه-رضي الله عنه- بل شغفه للموت في سبيل الله منتهى أطماحه وأمانيه ، ولقد أنبأ رسول الله-صلى الله عليه وسلم- عنه فيما بعد نبأ عظيم يصور شغفه بالشهادة ، فقال -عليه الصلاة و السلام- لولده جابر يوما يا جابر : ما كلم الله أحدا قط الا من وراء حجاب ، ولقد كلم كفاحا -أي مواجهة- 000
فقال له يا عبدي ، سلني أعطيك )000
فقال يا رب ، أسألك أن تردني الى الدنيا ، لأقتل في سبيلك ثانية )000
قال الله له انه قد سبق القول مني : أنهم اليها لا يرجعون )000
قال يا رب فأبلغ من ورائي بما أعطيتنا من نعمة )000
فانزل الله تعالى ولا تَحْسَبَنّ الذينَ قُتِلوا فِي سَبِيلِ اللهِ أمْواتاً بلْ أحْياءٌ عِنْدَ رَبّهِم يُرْزَقُون *** فَرِحِينَ بِمَا أتَاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ ويَسْتَبْشِرُونَ بِالذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِنْ خَلْفِهِم ألا خَوْفٌ عَلَيْهِم ولا هُمْ يَحْزَنُون )000سورة آل عمران ( أية 169 / 170 )000
الدِّيْن
أتى جابر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال إنّ أبي تَرَك عليه دَيْناً وليس عندنا إلا ما يُخرجُ نُخْلُهُ فلا يبلُغ ما يُخرج نخله سنتين ما عليه ، فانطلق معي لكيلا يفحشَ عليّ الغرماء )000فمشى حول بيْدَرٍ من بيادر التمر ، ودعا ثم جلس عليه وقال أين غُرماؤهُ ؟)000فأوفاهُم الذي لهم وبقي مثل الذي أعطاهم000
السيل
وبعد أربعين سنة أجرى معاوية عيناً ، فأصاب سيلها قبور شهداء أحد ، قال جابر بن عبد ال